وهل هذه النقوش تحمل اسم الله الأعظم الذي تستجاب به الدعوات؟
محمد حسن حمادة
في كتاب: (أخبار مكة) للمؤرّخ الفاكهي مؤرخ مكة المكرمة (ت بعد 272هـ/885م) يسجل فيه وجود كتابات على مقام إبراهيم عليه السلام عند الكعبة بالخط الهيروغليفي، تم اكتشافها بالصدفة المحضة وقت ترميم المقام عام 256هـ/870م حيث وجدوا كتابات حاروا في قراءتها في “كتاب بالعبرانية ويقال بالحميرية، وهو الكتاب الذي وجدته قريش في الجاهلية”.
المؤرخ الفاكهي كان شاهدا على هذه الواقعة فدعونا نقرأ أصل الواقعة كما دونها في كتابه (أخبار مكة) (1 / 476 – 481) حيث قال رحمه الله تعالى: “وقد كان المقام في سنة إحدى وستين ومائة، وعلى مكة جعفر بن سليمان، قد وَهِيَ، فذهب الحجبة يرفعونه فانثلم، وذلك أن المقام حجر رخو يشبه الشنان في المنظر، وهو أغبش ومكسره مكسر الرخام الأبيض، فخشوا أن يتفتت أو يتداعى، فكتبوا إلى أمير المؤمنين المهدي، فبعث إليه بألف دينار أو أكثر، فضببوا بها أعلى المقام وأسفله، وهو الذهب الذي كان عليه إلى خلافة أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله، ثم أمر به أمير المؤمنين جعفر أن يجعل عليه ذهب فوق ذلك الذهب، ويعمل أحسن من ذلك العمل، فعمل في مصدر الحاج سنة ست وثلاثين، فعمل ولم يقلع عنه الذهب الأول، فلم يزل ذلك الذهب حتى كان زمن الفتنة في سنة إحدى وخمسين ومائتين، فأخذ جعفر ابن الفضل، ومحمد بن حاتم فضرباه دنانير وأنفقاه على حرب إسماعيل، فيما ذكروا وبقي الذهب الذي عمله المهدي أمير المؤمنين، فلم يزل عليه حتى دخلت سنة ست وخمسين ومائتين، ثم ولي مكة علي بن الحسن إذ دخل عليه قوم من الحجبة وأنا عنده، فكلموه في المقام، وقالوا: إنه قد وَهِيَ وتسلّلت أحجاره، ونحن نخاف عليه، فإن رأيت أن تجدد عمله وتضبيبه حتى يشتدّ، فأجابهم إلى ما طلبوا من ذلك، فأخذ في عمل المقام في المحرم، فأحضر علي بن الحسن عامة الحجبة، فقلع الذهب والفضة عن المقام وخلوه عنه، فإذا الحجر سبع قطع قد كانت ملصقة بعضها إلى بعض، فزال عنها الإلصاق، فأخذت القطع فجعلت في ثوب وختم عليه بخاتم، ثم دعا الصاغة إلى دار الإمارة، وأخذ في عمله فأقام الصاغة يعملونه بقية المحرم وصفر، حتى إذا كان يوم الاثنين، وذلك أول يوم من شهر ربيع الأول أرسل علي بن الحسن إلى الحجبة يأمرهم بحمل المقام إلى دار الإمارة ليركبوا عليه الطوقين اللذين عملا له على ما وصفنا ليكون أقل لزحام الناس، فأتوا به إلى دار الإمارة، وأنا عنده وعنده جماعة من الناس من حملة العلم وغيرهم، في ثوب يحملونه حتى وضعوه بين يديه…وقلبوه ونظروا ونظرت معهم، فإذا في جوانب المقام كلها كما يدور خطوطا في طول الجانب المستدق منه البارز عن الذهب سبع خطوط مستطيلة، ثم ترجع الخطوط في أسفله حتى ترجع إلى الجانب الآخر حتى تستبين فيه من الجانب الآخر، وذلك في التربيع ستة خطوط، وفيه حفر قياسه هذا الخط الذي أخطه، وذلك في عرضه، وفيه أيضا دواوير قياسها هذا الذي أخطه، وفي وسطه نكية من الحجر، وفيه أيضا دوارة في عرضه من الجانب الآخر، قياسها هذا الذي أخطه، وإذا فيه كتاب بالعبرانية، ويقال بالحميرية، وهو الكتاب الذي وجدته قريش في الجاهلية، فأخذت ذلك الكتاب من المقام بأمر علي بن الحسن بيدي وحكيته كما رأيته مخطوطا فيه، ولم آل جهدي وهو الذي خططته الآن، فهذا ما استبان لي من الخطوط، وقد بقيت منه بقية لم تستبن لي فلم أكتبها.
فحدثني أبو الحسن علي بن زيد الفرائضي وأخذ مني هذا الكتاب على المقام، فقال: حدثني أبو زكريا المغربي بمصر وقد أخذ مني هذه النسخة، يعني نسخة هذا الكتاب، فقرأتها عليه، فقال لي: أنا أعرف تفسير هذا، أنا أطلب البرابي، والبرابي كتاب في الحجارة بمصر من كتاب الأولين، قال: فأنا أطلبه منذ ثلاثين سنة، وأنا أرى أي شيء هذا المكتوب في المقام في السطر الأول: ” إني أنا الله لا إله إلا أنا، والسطر الثاني: ” ملك لا يرام ” والسطر الثالث: ” أصباوت ” وهو اسم الله الأعظم، وبه تستجاب الدعوات “.
وحتى لا يتوه مني القارئ العزيز سأوجز لكَ مخلص ما ذكره المؤرخ الفاكهي هو يريد أن يقول: أنه دوّن لنفسه نسخة من هذه الكتابات “وحَكَيْتُه أي ( حاكيْته) كما رأيتُه مخطوطا فيه، ولم آلُ جهدي” في دقة تصويره. ثم يكمل لنا قصة هذه الكتابات بما يفيد باكتشافهم أنها لم تكن عبرية أو حميرية الخط وإنما كتابة هيروغليفية خالصة، وذلك بعد وصول نسخته منها إلى رجل مغربي مقيم في مصر، وكان متخصصا في فك الرموز الهيروغليفية بعد أن درس كتاباتها على مدى 30 عامًا”.وهذا ما تؤكده سطوره الأخيرة التي يروي فيها “فحدثني أبو الحسن علي بن زيد الفرائضي (ت 262هـ/876م) و[كان] أخذ مني هذا الكتاب على المقام فقال: حدثني أبو زكريا المغربي (ت بعد 256هـ/870م) بمصر، وقد أخذ مني هذه النسخة يعني نسخة هذا الكتاب فقرأتها عليه؛ فقال لي: أنا أعرف تفسير هذا، أنا أطلب أي (أدرس) البرابي والبرابي (الخط الهيروغليفي) قال: فأنا أطلبه منذ ثلاثين سنة، وأنا أرى أي (أدري) أي شيء هذا المكتوب في المقام، في السطر الأول: «إني أنا الله لا إله إلا أنا»، والسطر الثاني: «ملك لا يرام»، والسطر الثالث: «أصباوت» وهو اسم الله الأعظم، وبه تستجاب الدعوات”!!