
بقلم د. محمد المنجي
في الوقت الذي تركز فيه إدارات المدارس وأولياء الأمور على حظر الموبايل في المدارس مع عودة الطلاب إلى الدراسة – وهو أمر له ما يبرره – يجب علينا أيضًا أن نولي اهتمامًا بالأماكن الأخرى التي يحدث فيها الاستخدام المفرط للموبايل.
أسمع بانتظام من الأطفال والمراهقين أن آباءهم ينتقدونهم باستمرار لاستخدامهم الموبايل، لكنهم لا يقللون من استخدامهم الخاص. بعيداً عن موضوع التناقض في هذه التصرفات، يعبر العديد من المراهقين عن استيائهم من عدم قدرة آبائهم على منحهم الانتباه اللازم. وعندما يشعرون بالإحباط من عدم اهتمام آبائهم، يلجأون إلى مشاهدة مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لتخفيف مشاعرهم السلبية.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا من قِبَل الآباء يؤثر على التفاعلات بين الآباء والأبناء، مما يزيد من مستويات القلق والتشتت لدى الأطفال.
التفكك الأسري
كثير من الآباء يشكون أن أبناءهم ملتصقون بهواتفهم ولا يستمعون إليهم عندما يحاولون التواصل. وعندما يشعر الآباء بالرفض، يتحولون هم أيضًا إلى هواتفهم. هكذا تدخل الأسرة في دائرة مفرغة من التواصل المكسور والمشاعر المجروحة بسبب انشغال الجميع بالتكنولوجيا.
دائمًا أحاول مساعدة الأشخاص على رؤية المشكلة من منظورين، وعندما يفعلون ذلك، يدركون أن التكنولوجيا تسلبهم التفاعلات الإيجابية والوقت الجيد مع بعضهم البعض. أخبر الآباء والأبناء أن الجميع يحتاج إلى تعديل عاداتهم في استخدام التكنولوجيا لاستعادة التواصل والثقة. ومن المهم أن نذكر أنه تقع على عاتقنا كآباء مسؤولية تحسين ديناميكيات الأسرة وتقديم القدوة الحسنة لأبنائنا.
تحديد قواعد اللعبة للأسرة
كثير من الآباء يضعون قواعد حول استخدام الموبايل، لكنهم لا يتبعونها دائمًا. على سبيل المثال، يمنع الآباء الموبايل في غرف نوم أبنائهم، ولكنهم يحتفظون بهواتفهم هناك. من المهم أن يكون هناك تفهم لاختلاف القواعد بناءً على مستوى النضج، ولكن يجب إشراك الأبناء في هذه الحوارات لزيادة وعيهم حول الفروق. على سبيل المثال، حدد وقت معين للتخلي عن موبايلك داخل المنزل، مثلا اتفق مع أبنائي وضع موبايلي في وضعية “عدم الازعاج”، حتي لا يتواصل معي احد بعد الساعة ١٠ مساءً إلا في حالات الطوارئ.
ممارسة مهارات الاستماع الفعال
من الطبيعي أن تجذب إشعارات الهاتف انتباهنا، ولكن يجب علينا تعلم استخدام التكنولوجيا باعتدال. ممارسة مهارات الاستماع الفعّال في المنزل يمكن أن تساعد في تحسين التركيز والانتباه المتبادل. مثل:
- الحفاظ على التواصل البصري أو النظر نحو الشخص المتحدث.
- طرح أسئلة توضيحية لفهم أفضل.
- تجنب المقاطعة وانتظار انتهاء الشخص الآخر من الحديث.
إنشاء أنظمة تواصل فعّالة
في بعض الأحيان، يحتاج الآباء للتعامل مع حالات طارئة مرتبطة بالعمل، مثل الطبيب المناوب أو الصحفي الذي يواجه موعد تسليم نهائي، وقد يحتاج الأبناء للتعامل مع إشعارات مدرسية مهمة. ما يهم هو كيفية التعامل مع هذه الحالات بطريقة لا تقطع التواصل الأسري.
- ركّز على المحادثة حتى تكون هناك فرصة للتوقف.
- تأكد من أن الحالة الطارئة تتطلب انتباهًا فوريًا قبل أن تبتعد.
- قم بوضع خطة لمتابعة المحادثة بعد التعامل مع الحالة الطارئة.
تخصيص وقت للعائلة بعيدًا عن التكنولوجيا
من الجيد دائمًا إعادة التفكير في الأنشطة التي تستمتع بها العائلة معًا دون استخدام التكنولوجيا، مثل:
- التحدث معا داخل المنزل او مشاهده فيلم بدون موبايل
- الاستمتاع ببعض الوقت خارج المنزل بدون موبايل
- اعداد العشاء معاً
من خلال تعزيز هذه الأنشطة، يمكن للأسرة تقليل الاعتماد على التكنولوجيا بطريقة إيجابية.